في كلمته أمام الدورة الثالثة
والسبعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27-9-2018
بدأ الرئيس محمود عباس خطابه من على
منصة الأمم المتحدة بكلمات خارج النص المكتوب أمامه..
القدس ليست للبيع وحقوق الفلسطينيين
ليست للمساومة
كأنه يضع عنوان لخطابه أو الخطوط العريضة لما
سيقوله ، وهنا تأكيد على الثوابت وتحدي لمن يحاول شطب حقوق شعبنا الفلسطيني .
ثم بعد التحية الذى ألقاها الرئيس
قال
" الله على الظالمين - حسبنا الله
ونعم الوكيل "
أصعب من وقوع الظلم نفسه هو الإحساس
به ، وهو يفسر شعور الرئيس عندما تنهد وقال الله على الظالم وحسبنا الله ونعم
الوكيل ، هذا الشعور الذى حول خطاب الرئيس خطاب إعلان سياسي مبسط للحقوق والثوابت
الفلسطينية التي خضعت للأحكام المسبقة بالمؤبد والاعدام لها ، والامر الاخر هو
شعوره بأن هناك رفاق طعنوه بالخلف وأخوه تركوه وحيدا أمام الذئاب ، وان حالة اليأس
من الوعود الزائفة وصلت نهايتها ، ف أسهب في حديثه بشكل متسلسل مبسط تأكيدا على
الرغبة في رد الظلم وإعادة ما كان له من حقوق شعبه .
کلّنا نعلم أن المسؤولين السياسيين
الکبار عندما يتحدثون نصف ساعة، فليست الرسالة التي يريدون إيصالها سوی دقائق من
الخطاب . وعلی المرء أن يبحث عن هذه المحاور والمقاصد .
لقد رکز المحور الأساسي للرئيس
محمود عباس على قرارات الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي بعهد ترامب؛
حاول الرئيس من بين حروف تحمل فى
ثناياها السخط والعتاب ، الشرح المستفيض لممارسات الإدارة الأمريكية ، التي اشبهها
بالبلطجة ، وعدد القرارات التي اصدرتها ادارة ترامب من وقف نشاط وإغلاق بعثة منظمة
التحرير الفلسطينية في واشنطن ، إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ،محاولة إسقاط حق
اللاجئين بوقف دعم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الأممية " الأونروا " ،
وقف المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية والمؤسسات الإنسانية كالمستشفيات في القدس
، وانحياز أمريكا لإسرائيل ورفضه واسطتها فى عملية المفاوضات .
الرئيس في حديثه أکّد على موضوعين
أساسيين آخرين؛ الأول السلطة ستراجع الاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل وتعيد النظر
فيها .
الثاني احترام حماس للاتفاقيات
المصالحة وتنفيذها التى أعطي الفرصة الأخيرة لها.
تحليل محتوى الخطاب، والذي يهتم
بالغوص داخل أعماق المحتوى وليس الوقوف فقط على أعتابه يعطينا تقييم بأن الخطاب
ناجح و عقلاني ولكنه ليس كافي .
ربما يعتقد البعض أن الخطاب مخيبًا
للآمال ، وهم على حق كان يجب على الرئيس أن يشد من أعصابه وأن يصبغ خطابه بكلمات
تستقطب عاطفة الشعب لا العالم ، ليكون خطاب رنان أجوف من الداخل ، ويعود السبب فى
شعورهم هذا ، الي الصخب الإعلامي حول خطاب الرئيس المنتظر من مؤيدين ومعارضين ،
وحديث بعض الإعلاميين عن مفاجآت مرتقبة ، وهو خطأ التهويل الذى يتحمله صاحبه لا
الرئيس والأفعال المضادة من الخصوم فى ضرب شرعية الرئيس .
يجب ان نؤمن ان الوضع الدولي صعب
ومجابهته واقناعه عمل شاق كحفر نفق بإبرة ، ندرك أن خطابه قد ينفر منه البعض
لأسباب سوف نأتي على ذكرها ، لكن
خطاب الرئيس ، خطاب يتناسب مع
المجتمع الدولي ويعري فيه الأحتلال الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي ، لأنه يعلم
كما يعلم السياسيين والحكماء والعقلاء أننا فى بحر تتطلامه الأمواج العاتية ونتمسك
فى شباك متقطعة الأوصال قبالة عالم ظالم ومنحاز .
والأخطاء التي وقعت في خطاب السيد
الرئيس :-
1- من قام بكتابة خطاب الرئيس والذى
واضح عليه وجود تعديلات وعدم الترابط بين النصوص ، شخصيات غير مؤهلة بشكل كاف
للتعامل بشكل دبلوماسي فى صياغة الخطاب بشكل دقيق وعلمي ومركز ومقتضب .
2- خروج الرئيس الفلسطيني عن النص
المكتوب الذي لم تسعفه كلماته، وانشغاله فى الشرح فى عدد من الفقرات .
3 - محاولة الرئيس قدر الإمكان
توصيف الحالة الفلسطينية ولكن الكلمات المختارة فى الخطاب كانت فى الكثير من
أجزائها ركيكة ومكررة .
4 - أخطئ بادراج ملف الانقسام من
ملف داخلي لمشكلة دولية من على منصة الأمم المتحدة ، لأنها نقطة ضعف لا قوة تسجل
عليه .
المطلوب ما بعد الخطاب :-
1- انجاز المصالحة الفلسطينية
واستعادة الوحدة الوطنية بشكل سريع وعاجل ، لكي نبني سفينة قادرة على تخطي الأمواج
العاتية ، لان كل أمواج البحر العاتية لا تستطيع إغراق سفينة : إلا إذا تسلل الماء
إلى الداخل وتمكن منها .
2 - مراجعة ذاتية للسلطة الفلسطينية
، والنظر في جميع الاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل والإعلان عن وجودها بالكامل في
قسم العناية المركزة .
3- الاهتمام بالعزم الأكبر والأكثر
بالبيت الفلسطيني الجامع الشامل للكل الوطني -منظمة التحرير الفلسطينية - وأن
تتطلع بمسؤوليات أكبر فى المرحلة المقبلة .
4- إنقاذ المشروع الوطني من
الاندثار ، وبناء استراتيجية فلسطينية وطنية تُجمع عليها جميع المكونات الفلسطينية
.
5 - تطوير المقاومة الشعبية وتعبئة
الرأي العام الشعبي والدولي .
6- تشكيل مجموعات الضغط والمناصرة
اقليمياً وفى إسرائيل والدول الأوروبية للوصول إلى إعادة الدعم والمساندة الدولية
كما كان الحال من قبل تجاه القضية الوطنية الفلسطينية العادلة .
7- اعادة تأهيل وصقل واختيار الكادر
الدبلوماسي حسب معايير علمية وثقافية بمهنية عالية والابتعاد عن العمل بالشكل
الوظيفي في سفارات دولة فلسطين فى الخارج والبعثات الدولية ، مع العمل على ضرورة
تشكيل جهاز متابعة ورقابة على السفارات الفلسطينية وطواقمها دون أي استثناء ، و
بناء وهيكلة وزارة الخارجية الفلسطينية ايضاً لترتقي بالمسئولية الوطنية العليا
لمكانة فلسطين على المستوى العربي والإقليمي والدولي بما يعزز ويقوي الحق
الفلسطيني في مواجهته للاحتلال وأدواته وتحالفاته وتقارباته والتي أصبحت تبعث على
الخطر والذي أصبح على مقربة من الدار والديار مستهدفاً خلق العدو البديل للعدو
الحقيقي - الاحتلال .